القدّيس فيليمون هو مَن وجَّه إليه القدّيس بولُس رسالته الثالثة عشرة في سلسلة رسائله. الرسالة من فصلٍ واحد وخمس وعشرين آية، نفهم منها أنّ فيليمون مسيحي اهتدى على يد بولُس نفسه (19)، وأنّه كان ميسور الحال وجعلَ الكنيسة في بيته (2)، وكان غيوراً عليها ومحباً للقدّيسين. يقول له الرسول بولُس: "إنّ لنا فرحاً كثيراً وتعزية بسبب محبّتك لأنّ أحشاء القدّيسين قد استراحت بك أيها الأخ" (7). ثم تَعرُض الرسالة لمشكلة يتوسط بولُس الرسول لدى فيليمون لحلّها. فلقد كان أونيسيموس عبداً لفيليمون ولسبب ما غادره هرباً فوصلَ إلى رومية حيث تعرَّف ببولُس الرسول الّذي كان مسجوناً حينها، وقد تمكّن القدّيس بولُس من هداية أونيسيموس إلى المسيح وأحبَّه، ويدعوه ابنه وأحشاءه (10، 12). وقد أراد أن يبقيه عنده لكي يخدمه "في قيود الإنجيل" (13). لكنّه لم يفعل بدون رأي وموافقة فيليمون، سيّده. لذا ردّه إليه (12) سائلاً إياه أن يصفح عنه، إذ يبدو من الرسالة أنّ أونيسيموس سبقَ أن ارتكبَ ظلماً في حقّ سيده الأوّل فيليمون. يخاطب بولُس فيليمون كشريك له وعامل معه في خدمة الإنجيل هكذا: " إن كان قد ظلمكَ بشيء أو لكَ عليه دين فاحسب ذلكَ عليّ. أنا بولُس كتبتُ بيدي. أنا أوفي، حتى لا أقولُ لكَ أنّكَ مديون لي بنفسك أيضاً" (18- 19). والأمر اللافت في الرسالة أنّ بولُس الرسول لا يرّد أونيسيموس إلى فيليمون كعبد بل كأخ محبوب في المسيح. "لا كعبدٍ في ما بعد بل أفضل من عبد، أخاً محبوباً، ولا سيما إليّ فكم بالحري إليك في الجسد والربّ جميعاً" (16). والرسالة موجهّة ليس إلى فيليمون فقط بل إلى شخصين آخرين غير فيليمون، هما أبفيّة زوجته وأرخبّس ابنه، وقد كتبها بولُس الرسول من رومية بيد أونيسيموس الخادم نفسه. كما وردَ في التراث أنّ فيليمون كان من كولوسي من أعمال فريجية، وقد صار أسقفاً على غزّة الفلسطينية فيما صار أرخبُس أسقفاً على كولوسي. قامَ فيليمون بعملٍ بشاري حثيث في كولوسي خدمةً للكلمة، حيث أبدى الوثنيون مقاومة شرسة، فهجموا على بيت فيليمون وحاولوا إرغامه مع زوجته وابنه ان يقدّموا الذبائح للأوثان، فلّما فشلوا ضربوهم وعذّبوهم ثم أخيراً رجموهم. وهكذا أكملَ الثلاثة خدمتهم شهداء للمسيح. أمّا أونيسيموس الّذي تعيّد له الكنيسة في الخامس عشر من شهر شباط، فلقد بشَّر بالإنجيل بعناد وثبات في روما بعد استشهاد الرسول بولُس. وقد تمكّن من هداية العديدين إلى المسيح. وقد تعرَّض أونيسيموس للسجن والتعذيب، ومجّد الله أخيراً بالموت ضرباً.
تعيّد لهم الكنيسة في اليوم الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني.