روى الراوون أن عَثروا بمِصرَ
|
|
على دَرْج ٍ غَريبِ الخَطِّ مُبهَمْ
|
فحاولَ فهمَهُ العُلماءُ لكن
|
|
بَدا لِجماعةِ العُلماء طِلسَمْ
|
إلا أن حَلَّهُ الشعراء شِعراً
|
|
ومَن بالشعرِ كالشُعراءِ يَفهمْ
|
وذَلكَ أنه من قَبلِ عيسى
|
|
توفِّي شاعرٌ في الشرق ِمُلهَمْ
|
أضاعَ العُمرَ في طلبِ المَعاصي
|
|
يُحلِّلُ ما كِتابُ اللهِ حَرَّمْ
|
فَكادَ إلى اللَّظى يُلقَى, جزاءً
|
|
لما من سيِّئ الأعمالِ قَدَّمْ
|
ولكن برَّهُ الأبوَينِ غطَّى
|
|
مساوئه فخُلِّصَ من جَهَنَمْ
|
فَنامَ بحضنِ إبراهيمَ لكن
|
|
قُبَيلَ الفجرِ شاعِرُنا تَبَرَّمْ
|
وقامَ لربِّهِ يَشكو ويَبكي
|
|
بُكاءً صَيَّر الفردوس مَأتَمْ
|
فهدَّأ رَوعَهُ وحنا عَليهِ
|
|
وطيَّبَ قَلبهُ بِحنانهِ الجَمْ
|
ووسَّدَهُ يديهِ ورُكبتيهِ
|
|
ومالَ عَليهِ بالتَقبيلِ والضَمْ
|
وقالَ لِعبدِهِ داوودَ رَنِّمْ
|
|
لهذا البُلبُلِ الباكي فَرَنَّمْ
|
فَنامَ بحُضنِهِ الأبَويِّ حيناً
|
|
وعادَ يُساقطُ العَبراتِ عِندَ مْ
|
إلى أن ضَجَّ أهلُ الخُلدِ غَيظاً
|
|
وصاحَ اللهُ من غَضَبٍ إلى كَمْ
|
أُطيقُ تَذمُّراً مِن عَبدِ سوءٍ
|
|
يُجَرَّعُ كَوثَراً فَيقولُ عَلقَمْ
|
تَظلَّمَ في الثَّرى من غَيرِ ظُلم
|
|
وحتى في النَّعيمِ مَعي تَظَلَّمْ
|
أرى الشُعراءَ جازوا الحَدَّ, إني
|
|
أكادُ لِخَلقِيَ الشعراءَ أندَمْ
|
عَلامَ بُكاكَ يا هذا وماذا
|
|
دَهاكَ فلا تَنى تَشكو, تَكَلَّمْ
|
أصَفحي عَنكَ قد أبكاكَ أم ما
|
|
جُزيتَ بهِ منِ الإِحسانِ أمْ.. أمْ؟
|
فَصاحَ : العفوَ يا مَولاي من لي
|
|
سِواكَ ومَن سِوى الرحمَنِ يَرحَمْ
|
أتَيتُكَ راجياً نَقلي لِحضن
|
|
أحبُّ إليَّ مِن هذا وأكرَمْ
|
لِحضنٍ طالما قد نِمتُ فيهِ
|
|
قَريرَ العَينِ بينَ الضَمِّ والشَّمْ
|
أما ألقَيتَ رأسكَ فوقَ صدرٍ
|
|
حَنونٍ خافقٍ بمحبَّةِ الأمْ؟
|
فَدَعني مِن نَعيمِ الخُلدِ إني
|
|
نَعيمي بَينَ ذاكَ الصدرِ والفَمْ
|
تُربِّتُني كعادَتِها بِرفقٍ
|
|
وتُنشدُ نَمْ حبيبي بالهنا نَمْ
|
فَأصغى سَيدُ الأكوانِ لُطفاً
|
|
لشكوى شاعِرِ الغبراء ِواهتَمْ
|
وقالَ لِنفسهِ هذا مُحالٌ
|
|
أيَعلمُ شاعِرٌ ما لَستُ أعلَمْ
|
أيَنعمُ خاطئٌ في الأرضِ قَبلي
|
|
بما لَستُ في الفِردَوسِ أنعَمْ
|
لأكتَشِفَنَّ هذا السرَّ يَوماً
|
|
ولو كُلِّفتُ أن أشقى وأُعدَمْ
|
وكانَت لَيلَةٌ وإذا صَبيٌّ
|
|
صَغيرٌ نائِمٌ في حضنِ مَريَمْ
|